كتاب الإقناع في حجية الإجماع

في الشرع.
واستدل ابن تيمية (¬١) رحمه الله على منع الإحداث بعموم حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» (¬٢).
ومن ذلك إذا اختلف الصحابة على قولين فلا يجوز أن يحدث قول ثالث فقد سئل الإمام أحمد عن رجل يقول: إذا اختلف الصحابة على قولين فنخرج عن قوليهم، قال: هذا قولٌ خبيثٌ، هذا قول أهل البدع (¬٣)؛ فإذن لا يجوز إحداث قول جديد، وهذا الذي عليه العلماء الأولون، ونسب إلى بعض الحنفية (¬٤) جوازه وفي النسبة نظر، وإنما الذين يرون جواز إحداث قول جديد هم الظاهرية (¬٥)، كداود الظاهري ومن بعده لذا صار مذهبه مذهبا مبتدعا، ولأجله قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الخامس من «منهاج السنة»: وكل قول تفردت به الظاهرية فهو خطأ (¬٦). وقد أشار للمعنى وهو أنهم متأخرون.
ووضح هذا أكثر ابن رجب في «فتح الباري» (¬٧) وبين أن الظاهرية يرون جواز إحداث قول جديد فهم بذلك خالفوا السلف السابقين وأشار لهذا أيضًا في «فضل علم السلف على الخلف» (¬٨).
---------------
(¬١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١/ ٣٣٤)، و (١١/ ٦١٣)، و (٢٢/ ١٨٨ - ١٨٩).
(¬٢) أخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨).
(¬٣) انظر: المسودة ص ٣١٥ و العدة لأبي يعلى (٤/ ١٠٥٩).
(¬٤) كما في: «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٦٨)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٥١٧ - ٥١٨) وغيرهما.
(¬٥) كما في: «المعتمد» لأبي الحسين (٢/ ٤٤)، و (٢/ ٧٠)، و «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٦٨)، و «المحصول» للرازي (٤/ ١٢٧)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٥١٨) وغيرهم.
(¬٦) انظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (٥/ ١٧٨).
(¬٧) انظر: «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ٢٤٢).
(¬٨) انظر: «فضل علم السلف على الخلف» لابن رجب (ص:٦٧). دار الصميعي - الطبعة الثانية.

الصفحة 41