كتاب الإقناع في حجية الإجماع

القول الأول: أن القبلة لا تستقبل ولا تستدبر عند قضاء الحاجة لا في البنيان ولا في الصحراء وهذا قول أبي أيوب الأنصاري أخرجه البخاري ومسلم (¬١).
القول الثاني: أن القبلة تستقبل وتستدبر لكن في البنيان دون الفضاء أو الصحراء وهذا قول ابن عمر رواه الدار قطني (¬٢) وجماعة.
فلو قال قائل: إنها تستدبر لكن لا تستقبل لصار قوله قولاً ملفقاً بالنظر إلى أقوال الصحابة لا أقوال أهل العلم؛ لأنه حصل خلاف بين أهل العلم بعد ذلك.
المثال الثالث: أن الصحابة اختلفوا على قولين في صلاة الرواتب في السفر:
القول الأول: أن صلاة الرواتب في السفر تصلى مطلقاً وهذا قول جمهور الصحابة كجابر -رضي الله عنه- (¬٣)، وعزاه الحسن البصري إلى الصحابة (¬٤).
والقول الثاني: أنها لا تصلى وهذا قول ابن عمر رضي الله عنه، وفي رواية لابن عمر أنها تصلى رواتب الليل دون رواتب النهار فإنها لا تصلى أي للمسافر (¬٥).
فهذان قولان معروفان للصحابة.
فلو قال قائل: إن المسافر لا يصلي شيئا من الرواتب إلا ركعتي الفجر لكان قوله ملفقاً ومحدثا بالنسبة إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم.
فائدة: جمهور أهل العلم من أصحاب المذاهب الأربعة على أن المسافر يصلي الرواتب ليلاً ونهاراً هذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لكن خالف بعض الحنفية والحنابلة المتأخرين.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤).
(¬٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٩٢) رقم (١٦١)، وقال عقبه: هذا صحيح كلهم ثقات.
(¬٣) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٥/ ٢٤٨).
(¬٤) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٥/ ٢٤٨)، و (٥/ ٢٥٠).
(¬٥) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٥/ ٢٤٧ - ٢٤٨).

الصفحة 45