كتاب إشارات الإعجاز
ثم اني بينما كنت منتظراً ومتوجهاً لهذا المقصد بتظاهر هيئة كذلك - وقد كان هذا غاية خيالي من زمان مديد - اذ سنح لقلبي من قبيل الحس قبل الوقوع تقرّب زلزلة عظيمة 1، فشرعتُ - مع عجزي وقصوري والاغلاق في كلامي - في تقييد ما سنح لي من اشارات اعجاز القرآن في نظمه وبيان بعض حقائقه، ولم يتيسر لي مراجعة التفاسير. فان وافقها فبِها ونِعْمَتْ والاّ فالعُهدة عليّ.
فوقعتْ هذه الطامة الكبرى.. ففي اثناء اداء فريضة الجهاد كلما انتهزتُ فرصة في خط الحرب قيدتُ مالاح لي في الاودية والجبال بعبارات متفاوتة باختلاف الحالات. فمع احتياجها الى التصحيح والاصلاح لايرضى قلبي بتغييرها وتبديلها؛ اذ ظهرتْ في حالة من خلوص النية لا توجد الآن، فاعرضها لأنظار اهل الكمال لا لأنه تفسير للتنزيل، بل ليصير - لو ظفر بالقبول - نوعَ مأخذٍ 2 لبعض وجوه التفسير. وقد ساقني شوقي الى ماهو فوق طوقي، فان استحسنوه شجعوني على الدوام.
ومن الله التوفيق.
سعيد النورسي
__________
1 لقد اخبرنا مراراً في اثناء الدرس وقوع زلزلة عظيمة (بمعنى الحرب العمومية فوقعت كما اخبرنا) .
حمزة. محمد شفيق. محمد مهرى. (هؤلاء من تلاميذ المؤلف) .
2 المصدر والمرجع.
الصفحة 21
336