كتاب إشارات الإعجاز
أما وجه النظم في اجزاء (وبالآخرة هم يوقنون)
فاعلم! ان مناط النكت: "الواو"، ثم تقديم "بالآخرة" ثم الالف واللام فيها، ثم التعبير بهذا العنوان، ثم ذكر "هم"، ثم ذكر "يوقنون" بدل "يؤمنون".
واما "الواو" ففيها التخصيص بعد التعميم، للتنصيص على هذا الركن من الايمان، اذ هو أحد القطبين اللذين تدور عليهما الكتب السماوية.
واما تقديم (بالاخرة) ففيه حصر، وفي الحصر تعريض بأن أهل الكتاب بناء على قولهم (لن تمسَّنا النارُ اِلاّ أيّاماً مَعْدُودةً) 1 ونفيهم اللذائذ الجسمانية، آخرتهم آخرة مجازية اسمية، ماهي بحقيقة الآخرة.
واما الالف واللام فللعهد. اي اشارة الى المعهود بالدوران على ألسنة كل الكتب السماوية.. وفي العهد لمحٌ الى انها حق واشارة الى الحقيقة المعهودة الحاضرة بين اهداب العقول بسبب الدلائل الفطرية المذكورة.. وفي العهد حينئذ رمز الى انها حقيقة.. واما التعبير بعنوان "الآخرة" الناعتة للنشأة فلتوجيه الذهن الى النشأة الاولى، لينتقل الى امكان النشأة الاخرى.
واما (هم) ففيه حصر وفي الحصر تعريض بأن إيمان من لم يؤمن بمحمد عليه الصلاة والسلام من أهل الكتاب ليس بيقين، بل انما يظنونه يقينا.
وأما ذكر (يوقنون) بدل "يؤمنون" مع ان الايمان هو التصديق مع اليقين، فليضع الاصبع على مناط الغرض قصداً لإطارة الشكوك؛ اذ القيامة محشر الريوب.. وايضا بالتنصيص ينسد طرق التعلل بـ "انا مؤمنون فليؤمن من لم يؤمن".
***
__________
1 سورة البقرة: 80.
الصفحة 67
336