كتاب الاستدراك الفقهي تأصيلا وتطبيقا

المعنى الثاني: التَّبَع والتتابُع والإتباع، ومنه سميت التّبِعة بالدَّرَك، فيُقال: ما أدْرَكَه من دَرَك فعليَّ خلاصه. والدِّراك: إتباع الشيء بعضه على بعض. وكذا: دارَك الرجلُ صوته، وشرِب شُربًا دِراكًا، وضَرْبٌ دِراك، وتداركت الأخبار. (¬1)
وعلاقة هذا المعنى باللحوق أن من لحِق شيئًا فقد تبعه تضمُّنًا.
المعنى الثالث: الفناء، فيأتي قولك: أَدْرَك الشيءُ، بمعنى: فَنِيَ. ومنه: أَدْرَك الدقيق (¬2).
ويظهر لي أنّ تفسير ابن عباس (¬3) - رضي الله عنهما - للآية: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (¬4) من هذا المعنى حيث قال في قراءة «بلْ أَدْركَ»: «غاب علمهم» (¬5) كذا
¬_________
(¬1) يُنظر: مادة (درك) في: الصحاح، (4/ 1582). و: لسان العرب، (15/ 1364). و: أساس البلاغة، (1/ 284 - 285). و: القاموس المحيط، (844). و: تاج العروس، (27/ 137)، (27/ 141)، (27/ 144)، (27/ 145).
(¬2) يُنظر مادة (درك) في: الصحاح، (4/ 1582). و: لسان العرب، (15/ 1364). و: القاموس المحيط، (844). و: ويُنظر رد الزبيدي على الأزهري في نفيه لهذا المعنى: تاج العروس، (27/ 138)، مادة (درك).
(¬3) هو: أَبُو العَبَّاسِ، عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو العباس القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حَبْرُ الأُمَّةِ، وَفَقِيْهُ العَصْرِ، وَإِمَامُ التَّفْسِيْرِ، دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يعلمه الله تأويل القرآن والفقه في الدين، صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوًا مِنْ ثَلاَثينَ شَهْرًا، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِجُمْلَةٍ صَالِحَةٍ. وحدث عن: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَوَالِدِهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَخَلْقٍ، وقَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَائِفَةٌ. عَمِي في آخر حياته، توفي بالطائف، سنة 68 هـ.

[يُنظر: أسد الغابة في معرفة الصحابة، علي بن محمد بن الأثير الجزري، (3/ 295) و: سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (3/ 331 - 359)].
(¬4) النمل: 66
(¬5) تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، (18/ 109). و: تفسير ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن أبي حاتم الرازي، (9/ 2914)، رقم (16539).

الصفحة 27