ولا يصل إليها منهم رغبة» (¬1). وهو معنى قول ابن كثير (¬2): «انتهى علمهم، وعجز عن معرفة وقتها» (¬3). (¬4)
ومناسبة هذا المعنى لأصل المادة هو أن «الفناء من لوازم معنى الإدراك» (¬5)، فقد تقرر أن الانتهاء إلى الغاية من معاني الإدراك، وهنا يُقال: انتهاء كل شيء بحسبه، فقد يصل إلى غايته، وبوصوله إليها يفنى! .
¬_________
(¬1) تفسير الطبري، (18/ 110). وبنحوه في: تفسير ابن أبي حاتم، (9/ 2915)، رقم (16543).
(¬2) هو: أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن كثير، القرشي البصروي ثم الدمشقي، عماد الدين، حافظ مؤرخ فقيه مفسر متفنن. تفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين ابن قاضي شهبة ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه وأخذ عنه وأقبل على علم الحديث وأخذ الكثير عن ابن تيمية وقرأ الأصول على الأصفهاني وسمع الكثير وأقبل على حفظ المتون ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتأريخ حتى برع في ذلك. له: البداية والنهاية، تفسير القرآن الكريم، اختصار علوم الحديث. توفي سنة 774 هـ.
[يُنظر: طبقات الشافعية، أبو بكر بن أحمد بن محمد بن قاضي شهبة، (3/ 85). و: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، (1/ 445). و: الأعلام، خير الدين بن محمود بن محمد الزركلي، (1/ 320)].
(¬3) في: تفسيره، (10/ 426).
(¬4) وفي: المفردات في غريب القرآن، (168): «وقرئ (بَلْ أَدْرَكَ علمُهم في الآخرة)، وقال الحسن: معناه جهلوا أمر الآخرة وحقيقته: انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها». وكذا في: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، محمد بن يعقوب الفيروزأبادي، (2/ 595). وبنحوه في: تاج العروس، (27/ 139)، مادة (درك).
ولم أجد تفسير الحسن بهذا اللفظ فيما اطلعتُ عليه من كتب التفسير بالمأثور، وإنما نقلوا عنه أنه قال: «اضْمَحَلَّ عِلْمُهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ عَايَنُوا الآخِرَةَ». وهو معنى يدل على الفناء الذي سيق لأجله الكلام.
يُنظر في تفسير الحسن للآية: تفسير ابن أبي حاتم، (9/ 2914)، رقم (16540). وعنه في الدر المنثور في التفسير بالمأثور، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (11/ 396). وتفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، (10/ 427).
(¬5) تاج العروس، (27/ 138)، مادة (درك)