المعنى الرابع: الاطلاع على حقيقة شيء، ومنه أدركتُه ببصري: أي رأيته. وأدركتُ المسألة: عَلِمتُها. (¬1) وجاء في عدّ المعاني التي جاء بها القرآن في هذه المادة في (بصائر ذوي التمييز): « ... وبمعنى أن الأفهام والأوهام والأبصار والبصائر لا تطَّلِع على حقيقة الذات المقدسة» (¬2). وذلك في قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (¬3).
ومناسبة هذا المعنى لأصل المادة هو أن الاطلاع على حقيقة شيء هو غاية المُدرك، فهو وصول لشيء، وهذا هو أصل المادة.
المعنى الخامس: التكامُل والاجتماع، ومنه ما فُسِّر به قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (¬4)، بمعنى: تكامل علمهم في الآخرة واجتمع. (¬5)
ومناسبة هذا المعنى لأصل المادة تظهر فيما وُجّه به هذا التفسير وهو أن المعنى: أن علمهم تتابع في الآخرة وتواطأ حين حقَّتْ القيامة، فما يكون في الدنيا ظنونًا فهو في الآخرة يقين. (¬6)
¬_________
(¬1) يُنظر مادة (درك) في: الصحاح، (4/ 1582). و: لسان العرب، (15/ 1364). و: تاج العروس، (27/ 144). و: قطر المحيط، المعلم بطرس البستاني، (2/ 623).
(¬2) (2/ 596).
(¬3) الأنعام: 103.
(¬4) النمل: 66.
(¬5) يُنظر قول السدي في تفسيرها عند ابن أبي حاتم في تفسيره: (9/ 2915)، رقم (16543)، وقول ابن عباس عنده أيضا: (9/ 2914)، رقم (16539)، وقول عطاء عنده أيضا: (9/ 2914 - 2915)، رقم (16542).
ويُنظر: معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم بن السري الزجاج، (2/ 336)، (4/ 127). و: تفسير ابن كثير، (6/ 294)، (10/ 427). و: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، (6/ 413).
(¬6) يُنظر: مادة (درك) في: تهذيب اللغة، محمد بن أحمد الأزهري، (10/ 112). و: معجم مقاييس اللغة، (2/ 269). و: المفردات في غريب القرآن، (168).