وعلاقة التلافي والإصلاح بأصل المادة هو أنهما يقعان بعد الأمر المُتلافى فيه أو المراد إصلاحه، فهما يلحقانه لحوقًا حقيقيًّا أو تقديريًّا، ليتم أمره ويصلُح.
وهذا المعنى الأخير هو أقرب المعاني للاستدراك بمعناه الاصطلاحي.
وهذا ما تحصّل لي من معاني هذه المادة.
أما من الجانب الصرفي فإن لفظ (اسْتَدْرك) على وزن (اسْتَفْعل)، وهو وزن يأتي لمعان (¬1)، أَذكر منها ما يُمكن أن يُناسب هذه المادة ويُضيف إليها معنى:
المعنى الأول: الطلب، والطلب في (استفعل) قد يكون طلبًا حقيقيًّا أو تقديريًّا (¬2)، بحسب المقام. ولا يبدو لي أن هذه الزيادة في الوزن أثّرت هذا المعنى في لفظ (استدرك)، ويبدو أنّ ما يُفهم من معنى الطلب في (الاستدراك) ناشئٌ من أصل المادة وهو اللحوق، يؤيد هذا أنَّ (تَدَاركَ الشيءَ) و (استدركَه) بمعنى واحد (¬3). وأنَّ (تدارك) فُسّرت بالطلب (¬4).
¬_________
(¬1) يُنظر: فقه اللغة وأسرار العربية، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي، (388)، (411). و: المخصص، علي بن إسماعيل بن سيده الأندلسي، (14/ 180). و: رصف المباني في شرح حروف المعاني، أحمد بن عبد النور المالقي، (171)، (294). و: الطرة شرح لامية الأفعال لابن مالك، حسن بن زين الشنقيطي، (68 - 69). و: دروس التصريف، محمد محيي الدين عبد الحميد، (82 - 83).
(¬2) يُنظر: الطرة شرح لامية الأفعال، (68). و: دروس التصريف، (82).
(¬3) يُنظر: مادة (درك) في: الصحاح، (4/ 1582). و: لسان العرب، (15/ 1363). و: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد بن علي المقري، (193). و: تاج العروس، (27/ 144).
(¬4) يُنظر: أقرب الموارد، (1/ 330)، مادة (درك).