و (فقِه) بكسر عينه: فَهِم، و (فقَه) بفتح عينه: سبق إلى الفهم (¬1)، و (فقُه) بضم عينه: صار الفقه له سجية، بمعنى ملكة راسخة في النفس، وطَبْع لها. (¬2)
المسألة الرابعة: تعريف الفقه اصطلاحاً.
مرّ مصطلح (الفقه) بمراحل، في كل مرحلة منها يدلّ على معنى (¬3)، وسأسلك هنا سبيل الاختصار والاختيار، بالاقتصار على ما يخدم التصور الصحيح لمصطلح (الاستدراك الفقهي).
فالفقه عُرّف باعتبار الملكة القائمة في النفس (¬4) بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية» (¬5). وشُرح التعريف شرحًا مفصّلاً في كتب
¬_________
(¬1) وهو قول: القرافي في (نفائس الأصول)، (1/ 120)، ونسبه إلى ابن عطية في تفسيره، ووجدتُه في المحرر الوجيز بلفظ: «يقال فقِه الرجل بكسر القاف إذا فهم الشيء وفقه بضمها إذا صار فقيها له ملكة وفقه إذا غلب في الفقه غيره». [المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، عبد الحق بن عطية الأندلسي، (5/ 162)]. وقال به: الإسنوي في (نهاية السول مع حاشية المطيعي)، (1/ 26). وأحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري)، (1/ 165).
(¬2) يُنظر: تاج العروس، (36/ 456). لأن (فعُلَ) وزن يأتي للسجايا والطِّباع، يُنظر: الطرة شرح لامية الأفعال، (27). و: دروس التصريف، (55 - 56).
(¬3) يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، (1/ 12 - 15). وجمع هذه المراحل بكلام مختصر ونقول منتقاة شيخي الكريم عبد الله بن المحفوظ بن بيه في كتابه: أمالي الدلالات ومجالي الاختلافات، (300 - 309).
(¬4) المراد بهذه الملكة في علم الفقه وفي غيره: «كيفية للنفس بها يتمكن من معرفة جميع المسائل، يُستحضر بها ما كان معلومًا مخزونًا منها، ويستحصل ما كان مجهولاً، لا ملكة الاستحضار فقط» [كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، (1/ 4)].
(¬5) وهو تعريف البيضاوي [يُنظر: منهاج الوصول إلى علم الأصول لعبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي المطبوع مع نهاية السول وَسلم الوصول، (1/ 22)].
وتعريفُ السبكي [يُنظر: جمع الجوامع لعبد الوهاب بن علي السبكي المطبوع مع البدر الطالع في حل جمع الجوامع لمحمد بن أحمد المحلي وحاشية حسن العطار على شرح المحلي، (1/ 57)].
وارتضاه العلوي الشنقيطي. [يُنظر: مراقي السعود مع نشر البنود على مراقي السعود، كلاهما لعبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي، (1/ 14)].
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: «وهو الذي استقر عليه رأي العلماء إلى يومنا هذا». [(1/ 12)].