كتاب الاستدراك الفقهي تأصيلا وتطبيقا

أحسن محمل، وما استدت فيه الطرق الواضحة، وتؤملت أسباب حسنه أو صحته فلم تكن لائحة فلسنا ندّعي لغير معصوم عصمة، ولا نتكلف تقدير ما نعتقده غلطًا بأن ذلك أبهج وصمه، فالحق أولى ما رفع علمه ... ولكن لا نجعل ذلك ذريعة إلى ترك الصواب الجم، ولا نستحل أن نقيم حق المصنف شيئا إلى ارتكاب مركب الذم ... ولو ذهبنا نترك كل كتاب وقع فيه غلط أو فرط من مصنفه سهو أو سقط، لضاق المجال» (¬1).
6 - التأني والتأمل قبل الاستدراك.
«فاتهام النفس بالقصور خير من اعتراض في غير وجه حق» (¬2).
وهذا ما تفيده قصة الخضر مع موسى عليه السلام، حيث لام الخضرُ موسى - عليه السلام - لاستعجاله في الاستدراك، رغم أنه طلب منه التأنّي حتى يُحدّثه بتأويل أفعاله.

7 - العلم بما يستدرك فيه.
فلا يستدرك على ما لم يُحط به علمًا، وإلا لأتى بالعجائب.
ويُنبّه العلماء على هذا الأدب، من ذلك قول الشاطبي (¬3) في (لاميته):
وإن كان خرقٌ فادّركْه بفضلةٍ ... من الحلْمِ ولْيُصلحْهُ من جادَ مِقولا (¬4)
¬_________
(¬1) من خطبته لشرح ابن الحاجب نصّ عليها السبكي في: طبقات الشافعية الكبرى، (9/ 236 - 237).
(¬2) نظرية النقد الفقهي، (37).
(¬3) هو: أبو محمد، وأبو القاسم، القاسم بن فِيْرُّه بن خلف بن أحمد الرعيني، الأندلسي، الشاطبي، سيد القراء، ناظم (حرز الأماني) و (الرائية)، له الباع الطويل في فن القراءات والرسم والنحو والفقه والحديث، توفي سنة 590 هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (21/ 261). و: طبقات الشافعية، (2/ 35)].
(¬4) البيت رقم (78) من: حرز الأماني ووجه التهاني، القاسم بن فِيْرُّه الشاطبي. يُنظر البيت مع شرحه: الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع، عبد الفتاح عبد الغني القاضي، (34).

الصفحة 476