كتاب الاستدراك الفقهي تأصيلا وتطبيقا

خلف الله المجاصي (¬1)، وهذا الأخير كان يحفظ (المقدمات) و (البيان والتحصيل) لابن رشد. ونسب أبا الربيع في بعض دروسه مسألة من المسح على الخفين لابن رشد من (التقييد والتقسيم)، فقال خلف الله: والله ما قال هذا ابن رشد قط! ولحسن خلق الشيخ ما غضب ولا احمرّ، بل نزل عن كرسيه وهو يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم. وترك القراءة يومين، وكان الطلبة يحضرون ويتركون الكلام في الموقف إعظامًا للشيخ، وفي اليوم الثالث حضر واجتمع عليه الطلبة، فقال لخلف الله: يا أبا سعيد! تُكذّبني في النقل؟ نصحتك أعوامًا كثيرة فما جزائي إلا هذا! فقال: يا سيدي! إن ابن رشد ما تكلم على الخفين في (مقدماته)، ولا ذكر ذلك في (بيانه). فأخذ الشيخ الجزء الذي وسمه ابن رشد بـ (التقييد والتقسيم)، ودفعه إليه حتى رأى فيه ما نقله عنه، فقبّل حينئذ يده، واعتذر، فقبِل عذره (¬2).

4 - تحمّل فظاظة العبارات الصادرة من المستدرِك.
ويصلحُ لهذا نموذج أبي الربيع سليمان الونشريسي مع خلف الله المجاصي، المحكي في الأدب السابق.

5 - إبداء الاهتمام بكلام المستدرِك، وحسن الإنصات له؛ فلا يلتفت إلى غيره أثناء توجيه الكلام له، ولا يُهمِل استدراكه.
وقد عدّه صاحب (الجدل على طريقة الفقهاء) من آداب الجدل (¬3).
¬_________
(¬1) هو: أبو سعيد، خلف الله المجاصي، الفقيه الحافظ، من علماء فاس وشيوخها، كان يحفظ المقدمات والبيان والتحصيل لابن رشد، أخذ عن أبي الربيع سليمان الونشريسي، توفي سنة 732 هـ.
[يُنظر: جذوة الاقتباس في ذكر من حل من العلام مدينة فاس، (192). و: سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر منالعلماء والصلحاء بفاس، محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، (1/ 228). و: نيل الابتهاج مع الديباج المذهب، (110)].
(¬2) ... (4/ 70 - 71).
(¬3) (2).

الصفحة 490