كتاب الاستدراك الفقهي تأصيلا وتطبيقا

والمعنى الأول هو المعنى المناسب للمعنى الاصطلاحي؛ لأن المعاجم خرّجته عليه؛ ففي (تاج العروس): «النُّكتة هي اللطيفة المؤثّرة في القلب، من النَّكْت، كالنقطة من النَّقْط» (¬1). وفي (أقرب الموارد): «النُّكتة ... المسألة الدقيقة، أخرجت بدقة نظر وإمعان فكر، من نكت رمحه بالأرض إذا أثر فيها؛ لتأثر الخواطر باستنباطها ... » (¬2).
كما تُطالعُنا المعاجم أنّ النُّكْتة أُطلقت على المسألة الدقيقة لعلاقة مجازية (¬3)، ولحظْتُ أنها تشير إلى علاقتين:
العلاقة الأولى: هي نقل المعنى المحسوس إلى معنى غير محسوس، فالقرع في الأرض بقضيب ونحوه مؤثّرٌ محسوس، خلّف أثرًا محسوسًا، شُبهت به المسألة الدقيقة في العلم؛ لأنها تؤثر في القلب والنفس، وهو أثر غير محسوس.
يُفيد هذا تعليلُهم في تخريجها على معنى التأثير بأنها تؤثر في النفس (¬4) قبضاً أو بسطاً (¬5). ومنه قولهم: نكت في العلم بموافقة فلان أو مخالفة فلان: أي أشار (¬6).
العلاقة الثانية: علاقة الملازمة؛ لما يحصل من نكت الأرض غالبًا عند التفكير في المسألة الدقيقة، كما يفعل المهموم عند تفكره في أمره. قال في (التاج): «وتطلق على المسائل الحاصلة بالنقل المؤثرة في القلب، التي يقارنها نكتُ الأرض غالبًا بنحو
¬_________
(¬1) (5/ 128)، مادة (نكت).
(¬2) (2/ 1342)، مادة (نكت). وكذا في: التعريفات، (316). و: التوقيف، (710).
(¬3) يُنظر: أساس البلاغة، (2/ 303).
(¬4) وقد يعبَّر بالقلب أو الخواطر بدلاً من النفس، كما في التعريفات قبله.
(¬5) يُنظر: مادة (نكت): التعريفات، (316). و: التوقيف، (710). و: تاج العروس، (5/ 128). و: أقرب الموارد: (2/ 1342). و: المعجم الوسيط، (950).
(¬6) يُنظر مادة (نكت) من: لسان العرب، (4536). و: تاج العروس، (5/ 129).

الصفحة 55