كتاب استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذوي الشرف (اسم الجزء: 1)
وقال القاضي أبو يوسف (¬١) رحمه الله: "تَحِلُّ من بعضهم لبعضٍ لا من غيرهم" (¬٢)، يعني لما فيه من رفع يد الأدنى على الأعلى بخلاف غيرهم (¬٣).
١١٥ - وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الصَّدقة كما في "صحيح مسلم" (¬٤): "إنَّما هي أوسَاخُ النَّاس".
ومن هذا الحديث يؤخذ جوازُ أخذهم صدقةَ التَّطوعِ دون الفرض (¬٥). وهو قول أكثر الحنفية (¬٦)، والمصحَّح عن الشَّافعية، والحنابلة (¬٧)، ورواية عن المالكية (¬٨)، بل عندهم أخرى في جواز الفرض دون التطوع (¬٩).
ووجهه؛ أنَّ بالأخذ سقط الفرضُ عن المعطي، فكان مُعِينًا له، فلا ذلة له حينئذٍ. [ح ٣١/ ب] ويساعده تفسير اليد العليا بالآخذة، كما بُسِطَ في محلِّه، والله الموفق.
١١٦ - وأورد المحبُّ الطَّبريُّ بلا إسنادٍ، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ بَيْتِي خَيْرًا فإنِّي أُخَاصِمُكُم عنهم غدًا، ومَنْ أَكُنْ خَصْمه أَخصِمُهُ، ومَنْ أَخصِمُهُ دخل
---------------
(¬١) هو القاضي أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، أجلُّ أصحاب أبي حنيفه، حتي قيل: لولا أبو يوسف ما ذُكر أبو حنيفة، ولا ابن أبي ليلى، ولكونه هو نشر قولهما وبثَّ علمهما. وَلِيَ القضاءَ لثلاثة من الخلفاء: المهدي، والهادي، والرشيد. من مؤلفاته: "الأمالي"، و"كتاب الصلاة". مات ببغداد عام (١٨٢ هـ). "تاريخ بغداد" (١٤/ ٢٤٥)، و "تاج التراجم" (ص ٣١٥).
(¬٢) رواه عنه محمد بن سماعة. انظر: "أحكام القرآن"، للجصاص (٣/ ١٧٠).
(¬٣) وهو اختار شيخ الإسلام ابن تيمية. قال في "الاختيارات الفقهية" (ص ١٠٤): "ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميين، وهو محكيٌّ عن طائفة من أهل البيت".
(¬٤) (٢/ ٧٥٢)، رقم (١٠٧٢)، وفيه قصة، مضي قريبًا.
(¬٥) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٣٥٤).
(¬٦) انظر: "أحكام القرآن"، للجصاص (٣/ ١٦٩، ١٧٠).
(¬٧) انظر: "المغني" (٢/ ٢٧٥)، و "الإنصاف" (٣/ ٢٥٧).
(¬٨) "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٣٤٧).
(¬٩) انظر: "عقد الجواهر الثمينة" (١/ ٣٤٧)، وعلّلوا ذلك بأنَّ المِنَّة تقع في زكاة التطوع.