كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 1)

إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَا نَسَخَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ: الْقِبْلَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْيَهُودُ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُحِبُّ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) إِلَى قَوْلِهِ: ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) الْبَقَرَةِ: 144، يَعْنِي نَحْوَهُ، فَارْتَابَ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ، وَقَالُوا: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) الْبَقَرَةِ: 142، وَقَالَ: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) الْبَقَرَةِ: 115 وَقَالَ تَعَالَى: ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) الْبَقَرَةِ 143.
54 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِيُمَيِّزَ أَهْلَ الْيَقِينِ مِنْ أَهْلِ الشَّكِّ وَالرِّيبَةِ.
55 - وَقَالَ تَعَالَى: ( وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ) الْبَقَرَةِ: 143، يَعْنِي تَحْوِيلَهَا عَلَى أَهْلِ الشَّكِّ، لَا عَلَى الْخَاشِعِينَ يَعْنِي الْمُصَدِّقِينَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ.

الصفحة 181