كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 1)

91 - وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَطَائِفَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: " فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ " ( الرُّومِ: 17 ). ( فَحِينَ تُمْسُونَ ): الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَ ( حِينَ تُصْبِحُونَ ): الصُّبْحُ " وَعَشِيًّا " ( الرُّومِ: 18 ): الْعَصْرُ، ( وَحِينَ تُظْهِرُونَ ): الظُّهْرُ.
92 - ثُمَّ قَالَ: " وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ " ( النُّورِ: 58 ).
93 - وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ جَاءَ عَنِ السَّلَفِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُقْطَعُ بِهِ، وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ إِذَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذِّكْرُ: قَوْلُ ( سُبْحَانَ اللَّهِ ) وَهِيَ كَلِمَةُ تَنْزِيهِ اللَّهِ - تَبَارَكَ اسْمُهُ - عَنْ كُلِّ مَا نَزَّهَ عَنْهُ نَفْسَهُ.
94 - وَكَذَلِكَ ظَاهَرُ قَوْلِهِ: " أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ " ( الْإِسْرَاءِ: 78 ) لَوْ تُرِكْنَا وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ لَوَجَبَتِ الصَّلَاةُ مِنَ الزَّوَالِ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ دُلُوكَهَا زَوَالَهَا إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ، فَلَيْسَ فِي مُحْكَمِ الْقُرْآنِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ شَيْءٌ وَاضِحٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ.
95 - وَأَصْبَحَ ذَلِكَ نُزُولَ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مُفَسَّرَةً، وَهِيَ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلَةً.
96 - وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ مُجْمَلَاتٌ أَوْضَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَهَا، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " ( النَّمْلِ: 44 ).
97 - فَبَيَّنَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَمِنْ بَيَانِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا نَقَلَهُ الْآحَادُ الْعُدُولُ، وَمِنْهَا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، فَقَطَعَ الْعُذْرَ، وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.
98 - وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا عِلْمُهُ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ.

الصفحة 189