كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 1)
1023 - وَقَدْ مَضَى فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ طَائِفَةِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ بِلَا فَصْلٍ، وَأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا فَصْلًا وَإِنْ قَلَّ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ.
1024 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ تَعْجِيلَ الْعَصْرِ، وَتَفْضِيلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ فِيهَا.
1025 - وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي صَلَاةِ الْمُنَافِقِينَ: إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ ; فَذَلِكَ ذَمٌّ مِنْهُ لِمَنْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ ذَاكِرًا إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَتَحْذِيرٌ مِنَ التَّشَبُّهِ بِأَفْعَالِ الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ كَانُوا لَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا كُسَالَى.
1026 - وَقَدْ كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ مَنْ لَا يُصَلِّي إِلَّا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَبَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسِرُّونَ النِّفَاقَ وَأَنْتُمْ تَجْهَرُونَ بِهِ.
1027 - وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ " إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ، لَا لِأَنَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ فَيَضَعُ صَلَاتَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ.
1028 - وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا.
1029 - وَمَا أَعْلَمُ حَدِيثًا أَبْيَنُ مِنَ الرَّدِّ عَلَى إِسْحَاقَ، وَدَاوَدَ فِي قَوْلِهِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ
الصفحة 376