كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 2)

1153 - وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا فَرْضٌ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَضْمَضَةَ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَرْضٌ.
1154 - وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ.
1155 - وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ. قَالَا: مَنْ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ وَصَلَّى أَعَادَ، وَمَنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ لَمْ يُعِدْ.
1156 - وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ. وَعِنْدَ أَصْحَابِ دَاوُدَ أَيْضًا مِثْلُهُ.
1157 - وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا فِي الْوُضُوءِ وَفِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [ النِّسَاءِ: 43 ].
1158 - كَمَا قَالَ فِي الْوُضُوءِ:فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [ الْمَائِدَةِ: 6 ].
1159 - فَمَا وَجَبَ فِي الْوَاحِدِ مِنَ الْغُسْلِ وَجَبَ فِي الْآخَرِ.
1160 - وَلَمْ يَحْفَظْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي وُضُوئِهِ وَلَا غُسْلِهِ لِلْجَنَابَةِ، وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ.
1161 - وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ بِقَوْلِهِ:فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مَعَ غَسْلِ سَائِرِ الْوَجْهِ.
1162 - وَحُجَّةُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَلَ الْمَضْمَضَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهَا، وَأَفْعَالُهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ.

الصفحة 13