كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 2)

الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْغَسْلُ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ. كَأَنَّهُ قَالَ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ، وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ، وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ. وَالْقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ.
1335 - وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَسْلَ مُخَالِفٌ لِلْمَسْحِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَبْطُلَ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْغَسْلَ، أَوِ الْعَطْفَ عَلَى اللَّفْظِ.
1336 - وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ " بِالْخَفْضِ. فَقَالَ: هُوَ الْغَسْلُ.
1337 - وَهَذَا التَّأْوِيلُ تُعَضِّدُهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ فِي وُضُوئِهِ مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا.
1338 - وَجَاءَ أَمْرُهُ فِي ذَلِكَ مُوَافِقًا لِفِعْلِهِ فَقَالَ: "وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ، وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ ".
1339 - وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَلْفَاظَ بِهَذِهِ الْآثَارِ مُسْنَدَةً فِي " التَّمْهِيدِ ".
1340 - وَقَدْ وَجَدْنَا الْعَرَبَ تَخْفِضُ بِالْجِوَارِ وَالْإِتْبَاعِ عَلَى اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ عِنْدَهَا الْمَعْنَى، كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَبِيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍّ مُزَمَّلِ
فَخَفَّضَ بِالْجِوَارِ، وَإِنَّمَا الْمُزَمَّلُ الرَّجُلُ وَالْإِعْرَابُ فِيهِ الرَّفْعُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْضًا:

الصفحة 48