كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)

يَحْتَاجُ إِلَى قَوْلٍ غَيْرَ انْتِظَارِ الْإِمَامِ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ، وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ وَلَا مَدْخَلَ أَيْضًا لِلْقَوْلِ فِيهِ.
2921 - وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَبَّرَ مُحْرِمًا مُسْتَأْنِفًا لِصَلَاتِهِ، وَبَنَى الْقَوْمُ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ إِحْرَامِهِمْ. فَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ النُّكْتَةُ الْمُجِيزَةُ لِصَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لِاسْتِجْزَائِهِمْ بِإِحْرَامِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إِحْرَامُ الْقَوْمِ قَبْلَ إِحْرَامِ إِمَامِهِمْ.
2922 - وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
2923 - وَالصَّحِيحُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ: أَنَّ إِحْرَامَ الْمَأْمُومِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَكْبِيرَةِ إِمَامِهِ فِي إِحْرَامِهِ وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ. لَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ غَيْرَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهَا. وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الطَّاهِرِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، فَتَدَبَّرْهُ تَجِدْهُ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
2924 - وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاةِ إِمَامِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ. وَقَدْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ ( بِوُجُوهٍ أَيْضًا كَثِيرَةٍ ) فَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُمَا مُرْتَبِطَةً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُمْ ( عِنْدَهُ ) اخْتِلَافُ نِيَّاتِهِمْ وَنِيَّتِهِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ كُلًّا يُصَلِّي بِنَفْسِهِ، وَلَا يَحْتَمِلُ فَرْضًا عَنْ صَاحِبِهِ.

الصفحة 105