كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)

3237 - وَمِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مَنْ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّهَا حَبَسَتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحُوا بِأَيْدِيهِمُ الْأَرْضَ، وَرَفَعُوهَا، وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا، فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ، وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ، مِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ.
3238 - وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي " التَّمْهِيدِ " وَاخْتِلَافَهُمْ فِي إِسْنَادِهِ وَأَلْفَاظِهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التَّيَمُّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ.
3239 - وَهُوَ حُجَّةٌ لِابْنِ شِهَابٍ فِيمَا ذَهَبَ مِنْ ذَلِكَ إِلَيْهِ، مَعَ أَنَّ اللُّغَةَ تَقْضِي أَنَّ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمَنَاكِبِ، إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ بِذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ.
3240 - وَالْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَإِلَى الْكُوعَيْنِ كَثِيرَةٌ.
3241 - وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَيَمَّمَ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ إِلَى الْمَنَاكِبِ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْكَلَامِ وَمَا تَقْتَضِيهِ اللُّغَةُ مِنْ عُمُومِ لَفْظِ الْأَيْدِي، ثُمَّ أُحْكِمَتِ الْأُمُورُ بَعْدُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَمْرِهِ بِالتَّيَمُّمِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
3242 - وَرُوِيَ عَنْهُ إِلَى الْكُوعَيْنِ، كَمَا رُوِيَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَضَرْبَتَانِ. وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ عَنْهُ، وَصَارَ مِنْ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ كُلٌّ إِلَى مَا رَوَاهُ، وَمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَنَظَرُهُ.

الصفحة 166