كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)
3446 - وَاحْتَجُّوا بِإِجْمَاعِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ، وَلَا يُعَدُّ خِلَافُهُمْ خِلَافًا عَلَيْهِمْ - أَنَّ مَنْ صَلَّى عَامِدًا بِالنَّجَاسَةِ، يَعْلَمُهَا فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي صَلَّى عَلَيْهَا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَاحَتِهَا وَاجْتِنَابِهَا وَغَسْلِهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَتْ كَثِيرَةً أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ، وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا.
3447 - فَدَلَّ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ بِغَسْلِ النَّجَاسَاتِ، وَغَسْلِهَا لَهُ مِنْ ثَوْبِهِ عَلَى أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ فَرْضٌ وَاجِبٌ، وَإِذَا كَانَ فَرْضًا غَسْلُهَا لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ غَسْلِهَا عَلَى مَنْ نَسِيَهُ، وَصَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يُسْقِطُهَا النِّسْيَانُ، كَمَا لَوْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ وُضُوئِهِ أَوْ صَلَاتِهِ.
3448 - وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، إِلَّا مَا وَصَفْنَا مِنَ الدَّمِ الْيَسِيرِ نَحْوَ دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ - الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، إِلَّا أَنَّهُمْ رَاعَوْا مَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الدِّرْهَمِ قِيَاسًا عَلَى الْمَخْرَجِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ.
3449 - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ فَرْضٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى "وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " ( سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ: 4 ) كَمَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ.
3450 - وَيَأْتِي ذَلِكَ بَعْدُ احْتِجَاجًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْفَرَجِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
3451 - وَقَالَ آخَرُونَ: غَسْلُ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ، مُؤَكَّدَةٌ وَلَيْسَ بِفَرِيضَةٍ.
الصفحة 207