كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)

وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَصْحَابُنَا الْمُسْتَنْكَحَ، وَهُوَ صَاحِبُ السَّلَسِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ مَذْيُهُ أَوْ بَوْلُهُ لِعِلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ مِنْ كِبَرٍ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
2509 - وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ فَرْضَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا عَلَى حَالَتِهِ تِلْكَ، إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهَا.
2510 - وَاخْتَلَفُوا فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ حَالِهِ تِلْكَ، فَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ، اعْتِبَارًا بِالْمُسْتَحَاضَةِ. وَالْوُضُوءُ عِنْدَهُ لَهَا اسْتِحْبَابٌ أَيْضًا.
2511 - وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ " [ النِّسَاءِ 43، وَالْمَائِدَةِ 6 ]: وَذَلِكَ لِمَا كَانَ مُعْتَادًا مَعْرُوفًا قَصَدَ الْغَائِطَ مِنْ أَجْلِهِ، وَلِأَنَّ دَمَ الْمُسْتَحَاضَةِ دَمُ عِرْقٍ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وُضُوءًا.
2512 - وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَجْهُ قَوْلِهِ، وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
2513 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
2514 - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ.
2515 - وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمَا: الْوُضُوءُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَاجِبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ، رَوَوْا فِي ذَلِكَ آثَارًا سَنَذْكُرُهَا أَوْ بَعْضَهَا فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
2516 - وَقَالُوا تُؤَدِّي صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَكَذَلِكَ وُضُوءَهَا.
2517 - وَكَذَلِكَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ ".
2518 - وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

الصفحة 24