كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)

2707 - وَأَمَّا قَوْلُهُ " ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ " فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ، فَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ وَيَعُمُّهُ بِذَلِكَ وَلَا يَتَدَلَّكُ: فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَتَدَلَّكَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْجُنُبَ بِالِاغْتِسَالِ كَمَا أَمَرَ الْمُتَوَضِّئَ بِغَسْلِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ لِلْمُتَوَضِّئِ مِنْ إِمْرَارِ يَدَيْهِ بِالْمَاءِ عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَكَذَلِكَ جَمِيعُ جَسَدِ الْجُنُبِ وَرَأْسُهُ فِي حُكْمِ وَجْهِ الْمُتَوَضِّئِ وَيَدَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْمُزَنِيِّ وَاخْتِيَارُهُ.
2708 - وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ مِنْ لَفْظِ الِاغْتِسَالِ فِي اللُّغَةِ. وَمَنْ لَمْ يُمِرَّ يَدَيْهِ - فَلَمْ يَفْعَلْ غَيْرَ صَبِّ الْمَاءِ. وَلَا يُسَمِّيهِ أَهْلُ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ غَاسِلًا، بَلْ يُسَمُّونَهُ صَابًّا لِلْمَاءِ وَمُنْغَمِسًا فِيهِ.
2709 - ثُمَّ قَالَ: وَيَخْرُجُ هَذَا عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَادُ مِنَ الْمُنْغَمِسِ فِي الْمَاءِ وَصَابِّهِ عَلَيْهِ - أَنَّهُمَا لَا يَكَادَانِ يَسْلَمَانِ مِنْ أَنْ يَنْكَبَّ الْمَاءُ عَنِ الْمَوَاضِعِ الْمَأْمُورِ بِهَا - وَجَبَ لِذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُمِرَّا أَيْدِيَهُمَا عَلَى أَبْدَانِهِمَا.
2710 - قَالَ: فَأَمَّا إِنْ طَالَ مُكْثُ الْإِنْسَانِ فِي مَاءٍ أَوْ وَالَى صَبَّهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى بَدَنِهِ فَإِنَّهُ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ إِمْرَارِ يَدَيْهِ.
2711 - ثُمَّ قَالَ: وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ مَالِكٌ.

الصفحة 63