كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 3)

تَكُونُ قُرْبَةٌ إِلَّا مِنْ مُتَقَرِّبٍ بِهَا قَدِ انْطَوَى ضَمِيرُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِخْلَاصُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
2753 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَمْ يَذَّكَّرْ:
2754 - فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْزِئُهُ ؛ لِأَنَّهُ اغْتَسَلَ لِلصَّلَاةِ وَاسْتَبَاحَهَا. وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ، كَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ حَدَثَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْدَاثِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَكَذَلِكَ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُجْزِئُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ.
2755 - وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، ابْنُ وَهْبٍ، وَأَشْهَبُ، وَابْنُ نَافِعٍ، وَابْنُ كِنَانَةَ، وَمُطَرِّفٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
2756 - وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُجْزِئُ الْجُنُبَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِذَا كَانَ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ فِي حِينِ الْغُسْلِ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ سُنَّةٌ، وَالِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرْضٌ. وَمُحَالٌ أَنْ تُجْزِئَ سُنَّةٌ عَنْ فَرْضٍ، كَمَا لَا تُجْزِئُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَلَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ.
2757 - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ.
2758 - وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ لَا يَنْوِي الْجُمُعَةَ أَنَّهُ غَيْرُ مُغْتَسِلٍ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةَ، إِلَّا مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ

الصفحة 70