كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 4)

5449 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْلَمُ مِنَ الْوَهْمِ وَالنِّسْيَانِ ; لِأَنَّهُ إِذَا اعْتَرَى ذَلِكَ الْأَنْبِيَاءَ فَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ أَحْرَى.
5450 - وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِيَسُنَّ لِأُمَّتِهِ كَمَا جَاءَ عَنْهُ: " إِنِّي لِأَنْسَى أَوْ أُنَسَّي لَأَسُنَّ ".
5451 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا لَمْ يَجْلِسْ فِي اثْنَتَيْنِ، وَقَامَ، وَاعْتَدَلَ قَائِمًا - لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ.
5452 - وَإِنَّمَا قُلْنَا: وَاعْتَدَلَ قَائِمًا ; لِأَنَّ النَّاهِضَ لَا يُسَمَّى قَائِمًا حَتَّى يَعْتَدِلَ ; فَالْقَائِمُ هُوَ الْمُعْتَدِلُ.
5453 - وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ: ثُمَّ قَامَ، وَلَمْ يَجْلِسْ.
5454 - وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ إِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْجُلُوسِ ; لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا لَا يَخْلُو أَمْرُهُ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ بِنَفْسِهِ أَوْ يُذَكِّرَهُ مَنْ خَلْفَهُ بِالتَّسْبِيحِ، وَلَا سِيَّمَا قَوْمًا قَدْ قِيلَ لَهُمْ: " مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْبَحْ "، وَهُمْ أُولُو النَّهْيِ، وَأَوْلَى مَنْ عَمِلَ بِمَا حَفِظَ وَوَعَى.
5455 - وَأَيُّ الْحَالَيْنِ كَانَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْجُلُوسِ بَعْدَ قِيَامِهِ ذَلِكَ ; فَمِنْ هَاهُنَا قُلْنَا: لَا يَنْبَغِي لِمَنِ اعْتَدَلَ قَائِمًا أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى الْجُلُوسِ.
5456 - وَقَدْ رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَاعْتَدَلَ فَسَبَحُوا بِهِ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ، وَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ

الصفحة 370