كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 4)

( 1) بَابُ الْعَمَلِ فِي السَّهْوِ
5614 - هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ يَكْثُرُ عَلَيْهِ الْوَهْمُ فَلَا يَنْفَكُّ مِنْهُ، أَوْ لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ مِنْهُ - فَيُسَمُّونَهُ الْمُسْتَنْكَحَ بِكَثْرَةِ الْوَهْمِ ; فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ أَجْزَأَهُ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ; لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ.
5615 - وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
195 - "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ، فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ.
5616 - فَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَبَّسَ عَلَيْهِ ; فَلِذَلِكَ يُرْغِمُهُ بِالسَّجْدَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَيْسَ عَلَى الشَّيْطَانِ عَمَلٌ أَثْقَلُ وَلَا أَصْعَبُ مِنْ سُجُودِ ابْنِ آدَمَ لِرَبِّهِ، وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِمَا لَحِقَهُ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ، وَإِنَّمَا جَازَ لِهَذَا وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ الْبِنَاءِ عَلَى يَقِينِهِ ; لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، يَعْتَرِيهِ أَبَدًا، وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِيهِ أَنْ يَنُوبَهُ مِثْلُ مَا نَابَهُ ; إِذْ قَدْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنَ الْوَسْوَسَةِ فِي ذَلِكَ.

الصفحة 399