كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 4)
4053 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِ الْأَذَانُ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُسَافِرِ، وَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ حَسَنٌ، إِلَّا أَنَّ الْأَذَانَ عِنْدَهُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، وَحَيْثُ يَجْتَمِعُ النَّاسُ.
4054 - فَقَدْ وَرَدَ فِي فَضَائِلِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُعْتَزِلِ آثَارٌ حِسَانٌ، سَنَذْكُرُهَا بَعْدُ فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا.
4055 - وَفِيهِ إِبَاحَةُ لُزُومِ الْبَادِيَةِ، وَاكْتِسَابِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يُحِبَّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ ; اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ، وَفِرَارًا مِنْ شَرِّ النَّاسِ، وَاعْتِزَالًا عَنْهُمْ، وَلَكِنْ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْبُعْدِ عَنِ الْفَضَائِلِ، إِلَّا أَنَّ الزَّمَانَ إِذَا كَثُرَ فِيهِ الشَّرُّ، وَتَعَذَّرَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ - طَابَتِ الْعُزْلَةُ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ - إِذَا وُجِدَ - خَيْرٌ مِنَ الْعُزْلَةِ وَالْوَحْدَةِ.
4056 - وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ ".
4057 - وَأَمَّا قَوْلُهُ: "فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَيْءٌ - إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " - فَالْمَدَى الْغَايَةُ ; حَيْثُ يَنْتَهِي الصَّوْتُ.
4058 - فَأَمَّا فَهْمُ الْجَمَادِ وَالْمَوَاتِ فَلَا يُدْرِكُ كَيْفِيَّتَهُ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَوْلِهِ، تَعَالَى:يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ [ سَبَأٍ: 10 ] ; أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ، وَقَوْلِهِ، تَعَالَى:وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [ الْإِسْرَاءِ: 44 ] وَقَوْلِهِ:فَمَا بَكَتْ
الصفحة 46