كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 4)
وَإِقَامَةِ دِينِهِ ; فَيُدْبِرُ الشَّيْطَانُ ; لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَى قَلْبِهِ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ عَلَى طَبْعِهِ وَحِيلَتِهِ ; يُوَسْوِسُ فِي الصُّدُورِ، وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ مِمَّا قَدْ سُلِّطَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ - وَالتَّثْوِيبُ هَاهُنَا الْإِقَامَةُ - أَدْبَرَ أَيْضًا، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ - وَهُوَ الْإِقَامَةُ كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ - أَقْبَلُ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، فَيُوَسْوِسُ فِي صَدْرِهِ، وَيَشْغَلُهُ بِذَكَرِ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ; لِيَخْلِطَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى. وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ.
4075 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلٌ لِلْأَذَانِ عَظِيمٌ ; ألَا تَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يُدْبِرُ مِنْهُ، وَلَا يُدْبِرُ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: "فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ " ؟ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فَضْلًا لِمَنْ تَدَبَّرَ.
4076 - وَرَوَى سَحْنُونٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: اسْتُعْمِلَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَلَى مَعْدِنِ بَنِيِ سُلَيْمٍ، وَكَانَ مَعْدِنًا لَا يَزَالُ يُصَابُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ قِبَلِ الْجِنِّ، فَلَمَّا وَلِيَهُمْ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ ; فَأَمَرَهُمْ بِالْأَذَانِ، وَأَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِهِ، فَفَعَلُوا ; فَارْتَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى الْيَوْمَ.
4077 - قَالَ مَالِكٌ: وَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.
4078 - وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي " التَّمْهِيدِ " مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِنَّ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ فِي غَيْرِ خَلْقِهِ، وَلَكِنَّ لِلْجِنِّ سَحَرَةً كَسَحَرَةِ الْإِنْسِ، فَإِذَا خَشِيتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَذِّنُوا بِالصَّلَاةِ.
4079 - وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: ذَكَرْتُ
الصفحة 51