كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 5)

قَالَ الْقَوْلَ الَّذِي أَنْكَرَهُ، وَجَعَلَهُ خُلْفًا مِنَ الْقَوْلِ، وَتَحْرِيفًا مِنَ التَّأْوِيلِ.
5654 - وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ تَشْهَدُ لَهُ الْآثَارُ الصِّحَاحُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَئِمَّةِ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَهُ، وَهَذَا مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاحْتِجَاجُ بِالْعَمَلِ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُتَرَدِّدٌ كُلَّ جُمُعَةٍ لَا يَخْفَى عَلَى عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
5655 - فَمِنَ الْآثَارِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا مَالِكٌ: مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَامَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ: الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَالْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي كَبْشًا " حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ. " فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ ".
5656 - وَقَدْ ذَكَرْنَا الْإِسْنَادَ إِلَى الزُّهْرِيِّ فِي " التَّمْهِيدِ " مِنْ طُرُقٍ جَلَبْنَا فِيهَا الِاخْتِلَافَ عَنْهُ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ.
5657 - أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: " يَكْتُبُونَ النَّاسَ: الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ "، فَجَعَلَ الْأَوَّلَ مُهَجِّرًا.
5658 - وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنَّمَا هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْهَاجِرَةِ وَالْهَجِيرِ، وَذَلِكَ وَقْتُ النُّهُوضِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِهِ هَاجِرَةٌ وَلَا هَجِيرٌ.

الصفحة 12