كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 5)
5713 - إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا: هَلْ غُسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لِلْأُمَّةِ، أَمْ هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَفَضْلٌ، أَمْ كَانَ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَتْ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ ؟
5714 - فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ; لِأَنَّهَا قَدْ عَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَالْمُسْلِمُونَ، وَاسْتَحَبُّوهَا، وَنَدَبُوا إِلَيْهَا. وَهَذَا سَبِيلُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.
5715 - وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ: "مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ".
5716 - وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَالْوُجُوبِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
5717 - ثُمَّ جَاءَتِ الْآثَارُ الْمَذْكُورَةُ بِجَوَازِ شُهُودِهِ بِغَيْرِ غُسْلٍ، وَبِأَنَّهُ أَفْضَلُ إِنِ اغْتَسَلَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْرُ سُنَّةٍ لَا فَرْضٍ.
5718 - وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ هُوَ ؟ قَالَ: هُوَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ فِي الْحَدِيثِ وَاجِبٌ، قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ يَكُونُ كَذَلِكَ.
5719 - وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوَاجِبٌ هُوَ ؟ قَالَ: هُوَ حَسَنٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.
5720 - وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ دُونَ مَنْزِلَةِ السُّنَّةِ، إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ: ابْنُ عَبْدِ
الصفحة 32