كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 5)
5736 - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ " وَالْمَعْنَى كُلُّهُ سَوَاءٌ.
5737 - وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ جَعَلَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَمَنْ جَعَلَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، وَخَالَفَ فِي لَفْظِهِ فَقَالَ: "عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ الرَّوَاحُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَعَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ ". وَكُلُّهُمْ يَرْفَعُونَهُ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.
5738 - وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَيْسَ بِمُغْتَسِلٍ لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْجُمُعَةِ، وَلَا فَاعِلٍ لِمَا أُمِرَ بِهِ.
5739 - فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَشُهُودِهَا لَا لِلْيَوْمِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: "الْغُسْلُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمًا، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ " أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
5740 - وَأَمَّا أَلْفَاظُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ " أَوْ " إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ " فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الرَّوَاحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
5741 - وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، قَالَ فِي " " الْمُوَطَّأِ " ": مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلَ نَهَارِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ.
5742 - وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ".
5743 - قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُعَجِّلًا أَوْ مُؤَخِّرًا، وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، فَأَصَابَهُ مَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْوُضُوءُ، وَغُسْلُهُ
الصفحة 36