كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 6)
أَتَمَّ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ قَصَرَ.
8156 - وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ أَجْمَعْ مُكْثًا، وَإِنْ حَبَسَنِي ذَلِكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
8157 - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ.
8158 - وَفِيهَا قَوْلٌ سَابِعٌ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَدَاوُدُ، قَالَ أَحْمَدُ: رَوَتْ عَائِشَةُ، وَجَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، قَالَ أَحْمَدُ: فَقَدْ أَزْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَقْصُرُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ.
8159 - وَقَالَ دَاوُدُ: مَنْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عِشْرِينَ صَلَاةً قَصَرَ، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى مَقَامِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي حَجَّتِهِ صَلَاةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِنًى، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَقْصُرُ.
8160 - وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَامَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ إِلَّا أَنْ يَخُصَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَقَدْ نَصَّتِ السُّنَّةُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ.
8161 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ مُقَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ إِذْ دَخَلَهَا لِحَجَّتِهِ بِإِقَامَةٍ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ بِدَارِ إِقَامَةٍ وَلَا بِمَلَاذٍ، وَلَا لِمُهَاجِرِيٍّ أَنْ يَتَّخِذَهَا دَارَ إِقَامَةٍ وَلَا وَطَنٍ، وَإِنَّمَا كَانَ مُقَامُهُ بِمَكَّةَ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، كَمُقَامِ الْمُسَافِرِ فِي حَاجَةٍ يَقْضِيهَا فِي سَفَرٍ مُنْصَرِفًا إِلَى أَهْلِهِ فَهُوَ مُقَامُ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ، وَمَنْ كَانَ هَذَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ يَقْصُرُ فَلَمْ يَنْوِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ إِقَامَةً، بَلْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهَا إِلَى مِنًى يَوْمَ
الصفحة 107