كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 6)
8296 - وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ; لِقَوْلِهِ: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ "، وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ. لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ.
8297 - وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ " أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَمَّنَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ أَحَدًا جَازَ أَمَانُهُ دَنِيئًا كَانَ أَوْ شَرِيفًا، رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، عَبْدَا كَانَ أَوْ حُرًّا، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِزْ أَمَانَ الْمَرْأَةِ وَأَمَانَ الْعَبْدِ.
8298 - وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ " يُرِيدُ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ، أَبْعَدَتْ فِي خُرُوجِهَا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ تَبْعُدْ تَرُدُّ مَا غَنِمَتْ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعَسْكَرِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ ; لِأَنَّ بِهِ وَصَلَتْ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ.
8299 - وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ " أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إِذَا نَزَلُوا بِمَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ، فَوَاجِبٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً عَلَى الْكُفَّارِ ; حَتَّى يَنْصَرِفُوا عَنْهُمْ، إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِهِمْ قُوَّةً عَلَى مُدَافَعَتِهِمْ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُدَافَعَتُهُمْ نَدْبًا وَفَضْلًا لَا وَاجِبَ فَرْضٍ.
8300 - وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ " قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ..... وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ. وَفِيهِ:فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أَجَرْتُ حَمَوَيْنِ لِي، وَإِنَّ ابْنَ أُمِّي عَلِيًّا أَرَادَ قَتْلَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ. وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ
الصفحة 142