كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 6)
8352 - وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَلْبَسَ ثَوْبًا، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا لِكَلَامِهِ بِسَاطٌ يَعْلَمُ بِهِ مَخْرَجَ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَنْوِي وَيَبْسُطُ مِنَ الثِّيَابِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى لِبَاسًا.
8353 - أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ.
8354 - وَأَمَّا نَضْحُ الْحَصِيرِ، فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِيَلِينَ الْحَصِيرُ، لَا لِنَجَاسَةٍ فِيهِ.
8355 - وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ النَّضْحَ طِهَارَةٌ لِمَا شَكَّ فِيهِ ; لِتَطْيِيبِ النَّفْسِ عَلَيْهِ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ فِي قَوْلِهِ: أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَهُ.
8356 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: الَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ ثَوْبَ الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالنَّجَاسَةِ، وَأَنَّ النَّضْحَ فِيمَا قَدْ تَنَجَّسَ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا شَرًّا، وَقَدْ يُسَمَّى الْغَسْلُ نَضْحًا.
8357 - وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالشَّاهِدِ عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
8358 - إِلَّا أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِالنَّضْحِ - الَّذِي هُوَ الرَّشُّ - إِلَى قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ، وَحَزَازَةِ النَّفْسِ فِيمَا يُشَكُّ فِيهِ، اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ، وَاتِّبَاعًا لِلْأَصْلِ فِي الثَّوْبِ أَنَّهُ عَلَى الطَّهَارَةِ مَحْمُولٌ حَتَّى تَصِحَّ النَّجَاسَةُ فِيهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ فِيمَا شَكَّ فِيهِ اتِّبَاعًا شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ يَقْطَعُ بِالرَّشِّ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ، فَهُوَ احْتِيَاطٌ غَيْرُ مُضِرٍّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
8359 - وَأَمَّا النَّضْخُ بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ: فَالْكَثِيرُ الْمُنْهَمِرُ.
8360 - يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - "فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ " [ الرَّحْمَنِ: 66 ].
8361 - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً، قَامَ إِمَامُهُمْ وَسَطَهُمْ ; لِحَدِيثٍ رَوَوْهُ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ أَنَّ
الصفحة 153