كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 6)
9259 - وَالْحُجَّةُ لَهُ أَنَّ الزِّنْدِيقَ مُظْهِرٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسِرُّ الْكُفْرَ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ عَلَى عِلْمِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَالَ كُلِّ مَيِّتٍ أَوْ مَقْتُولٍ لِوَرَثَتِهِ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمْ عَلَى دِينٍ سِوَى دِينِهِ، وَرَاعَى فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ فِي اسْتِتَابَتِهِ.
9260 - وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوِ اسْتُتِيبَ لَثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَلِهَذَا كُلِّهِ لَمْ يَرَ نَقْلَ الْمَالِ عَنْ وَرَثَتِهِ.
9261 - وَأَمَّا ابْنُ نَافِعٍ فَجَعَلَ مِيرَاثَهُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَكِلَاهُمَا يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
9262 - وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ حَدًّا وَلَا لِمُحَارَبَتِهِ، وَإِنَّمَا قُتِلَ لِلْكُفْرِ، وَالدَّمُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْمَالِ، وَالْمَالُ تَبَعٌ لَهُ يَفِيضُ عَلَى أَصْلِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
9263 - وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ فِي الزِّنْدِيقِ، فَقَالَا مَرَّةً: يُسْتَتَابُ، وَمَرَّةً: لَا يُسْتَتَابُ وَيُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ.
9264 - وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: اقْتُلُوا الزِّنْدِيقَ ; فَإِنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُعْرَفُ، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ.
9265 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ظَاهِرًا، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ.
9266 - قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ، فَإِنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ غَيْرِهِ.
الصفحة 337