كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 8)

12030 - وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ أَنَّ النَّاسَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا مَطْعَنَ فِيهَا لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ فِيهِ كَانَ رَفَّاعًا.
12031 - عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلَهُ " يُولَدُ مُؤْمِنًا " أَيْ: يُولَدُ لِيَكُونَ مُؤْمِنًا وَيُولَدُ لِيَكُونَ كَافِرًا عَلَى سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِيهِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ.
12032 - وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ " خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَخَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ " أَكْثَرُ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا يُخْتَمُ بِهِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي حِينَ طُفُولَتِهِمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ جَنَّةً أَوْ نَارًا أَوْ يَفْعَلُ كُفْرًا أَوْ إِيمَانًا.
12033 - وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى قَوْلِهِ ( عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ): " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ " أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَطَرَهُمْ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فَأَخَذَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مِيثَاقًا حِينَ حَلَّفَهُمْ فَقَالَ ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ ) قَالُوا جَمِيعًا: بَلَى.
12034 - فَأَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَقَالُوا: بَلَى عَلَى مَعْرِفَةٍ بِهِ طَوْعًا مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاءِ فَقَالُوا: بَلَى كُرْهًا لَا طَوْعًا.
12035 - قَالَ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا " آلِ عِمْرَانَ.
12036 - وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَفَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ " الْأَعْرَافِ 29، 30.

الصفحة 387