كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 9)

بِالثَّمَنِ حَوْلًا. وَلَكِنَّهُ لَا يَقُولُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَلَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَسَائِرِ السَّلَفِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمُ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ، وَيَحْتَجُّ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ مُغَالَطَةً.
12663 - وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ مَالِكْ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
12664 - وَاحْتَجَّ أَيْضًا دَاوُدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهَا شَيْءٌ لِمِسْكِينٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَزَعَمَ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ.
12665 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: احْتِجَاجُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ عَجَبٌ عَجِيبٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِأُصُولِهِمْ وَرَدٌّ لِقَوْلِهِمْ وَكَسْرٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ مَذْهَبَهُمْ فِي الْقَوْلِ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ( 103 مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ ) وَلَمْ يَخُصَّ مَالًا مِنْ مَالٍ، وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ يُوجِبُ عَلَى أُصُولِهِ أَنْ تَجْرِيَ الزَّكَاةُ مِنْ كُلِّ مَالٍ إِلَّا مَا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَلَا إِجْمَاعَ فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، بَلِ الْقَوْلُ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِيهَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ الْغَلَطُ عَلَيْهِمْ وَلَا الْخُرُوجُ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ أَنْ يَجُوزُ الْغَلَطُ فِي التَّأْوِيلِ عَلَى جَمِيعِهِمْ.
12666 - وَأَمَّا السُّنَّةُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا خَصَّتْ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ عُمُومِهِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا سُنَّةَ

الصفحة 114