كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 10)

وَكَانَ يَدَّعِي عَلَى الْحَائِضِ إِذَا أَدْرَكَهَا الصُّبْحُ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَنْ تَقْضِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
13877 - وَذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْحَائِضِ إِلَى نَحْوِ هَذَا الْمَذْهَبِ، أَنَّهَا إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَخَّرَتْ غُسْلَهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَيَوْمُهَا يَوْمُ فِطْرٍ ; لِأَنَّهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ، وَلَيْسَتْ كَالَّتِي تُصْبِحُ جُنُبًا فَتَصُومُ ؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَالْحَيْضَ يَنْقُضُهُ.
13878 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الَّتِي تُؤَخِّرُ غُسْلَهَا بَعْدَ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ أَنَّ يَوْمَهَا يَوْمُ فِطْرٍ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي بَعْضِهِ حَائِضًا - غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَيْفَ تَكُونُ فِي بَعْضِهِ حَائِضًا وَقَدْ كَمُلَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ ؟ وَلِذَلِكَ أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَا أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ. بَلْ هِيَ طَاهِرٌ فَرَّطَتْ فِي غُسْلِهَا، فَحُكْمُهَا وَحُكْمُ الْجَنْبِ سَوَاءٌ.
13879 - وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - حَاشَا عَبْدَ الْمَلِكِ - وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَغَيْرِهِمْ.
13880 - وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ ; لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ لَهَا إِذَا لَمْ تُفَرِّطْ فِي الْحَيْضِ مِنْ غُسْلِهَا حُكْمَ الْحَائِضِ، وَأَسَقَطَ عَنْهَا الصَّلَاةَ - إِذَا لَمْ تُدْرِكُ بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ - مِقْدَارَ رَكْعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا.
13881 - وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ.
13882 - وَأَمَّا الصِّيَامُ فَالطُّهْرُ فِيهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: رُؤْيَتُهَا لِلنَّقَاءِ وَلَا يُرَاعُونَ غُسْلَهَا بِالْمَاءِ، فَمَنْ طَلَعَ بِهَا الْفَجْرُ طَاهِرًا لَزِمَهَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ ; لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الِاغْتِسَالُ.

الصفحة 48