كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 11)

حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجَبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ لَمَّا اخْتَلَفَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى أَدْلَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْحُجَّةِ بِالسُّنَّةِ فَفَلَجَ.
15185 - وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ قَوْلَهُ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ): " أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ. " هُوَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي النَّقْلِ ; لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ ثِقَاتٌ عُدُولٌ فَوَاجِبٌ قَبُولُ مَا نَقَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانُوا كَالنُّجُومِ فِي آرَائِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ إِذَا اخْتَلَفُوا لَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْمِسْوَرِ: أَنْتَ نَجْمٌ، وَأَنَا نَجْمٌ فَلَا عَلَيْكَ، وَبِأَيِّنَا اقْتَدَى الْمُقْتَدِي فَقَدِ اهْتَدَى، وَلَمَا احْتَاجَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ وَالْبُرْهَانِ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ.
15186 - وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ ( رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) إِذَا اخْتَلَفُوا ; حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرِ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ تَلَا:فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [ النِّسَاءِ: 59 ].
15187 - قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) مَا كَانَ حَيًّا، فَإِنْ قُبِضَ فَإِلَى سُنَّتِهِ.
15188 - أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَالَ فِي أُخْتٍ وَابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ: إِنَّ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ، وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الِابْنِ. وَأَنَّهُ قَالَ لِلسَّائِلِ: ائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنَا. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ (قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) [ الْأَنْعَامِ: 56 ] أَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ.
15189 - وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَرْفَعْ هَذَا الْحَدِيثَ وَجَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ،

الصفحة 16