كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 11)

15395 - وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ "، فَالْقَمِيصُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هُوَ الْجُبَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَخِيطَ كُلَّهُ مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ لِلْمُحْرِمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبَاسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ.
15396 - وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ " فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ أَنَّهَا كَانَتْ صُفْرَةَ خَلُوقٍ، وَهُوَ طِيبٌ مَعْمُولٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبَاسِ ثَوْبٍ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ كُلَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ، وَكَذَلِكَ لِبَاسُ الثِّيَابِ.
15397 - وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَأَجَازَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ، وَمَنْ كَرِهَهُ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ صَاحِبِ الْقَمِيصِ.
15398 - وَمِمَّنْ كَرِهَ الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ مِنْ قَبْلِ الْإِحْرَامِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كُلُّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمُحْرِمِ شَيْءٌ مِنْ رِيحِ الطِّيبِ وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ.
15399 - وَقَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْ سَالِمٍ فِي ذَلِكَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ.

الصفحة 58