كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 11)

15400 - وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ سَمَّاعَةَ - وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ أَخَفَّهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ، قَالَ: وَتَرْكُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَحَبُّ إِلَيْنَا.
15401 - وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مَنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَالْخِفَافِ وَالْعَمَائِمِ، وَيَمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ، وَمِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِمْسَاكِهِ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَمَا أَحْرَمَ وَهُوَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِنَزْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ وَتَرَكَهُ كَانَ كَمَنْ لَبِسَهُ فِي إِحْرَامِهِ لُبْسًا مُسْتَقْبَلًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوِ اسْتَأْنَفَ لُبْسَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لَوِ اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَمْسَكَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أُمِرَ بِتَخْلِيَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَلِّهِ كَانَ إِمْسَاكُهُ لَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ كَابْتِدَائِهِ الصَّيْدَ وَإِمْسَاكِهِ فِي إِحْرَامِهِ.
15402 - قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرُوا كَمَا وَصَفْنَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّمْثُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً، وَاعْتَلُّوا فِي دَفْعِ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِمَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَقَالَ: لَئِنْ أُطْلَى بِقَطْرَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا يَنْضَخُ مِنِّي رِيحُ الطِّيبِ.

الصفحة 59