كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 12)

16989 - قَالَ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدِي قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي أَنَّ الْإِبَاحَةَ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُقِيمَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ يَتَعَالَجُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ.
16990 - فَأَمَّا مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ما لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ يَحْضُرُ الْمَشَاهِدَ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ.
16991 - قَالَ: وَقَدْ عَارَضَ مَالِكٌ الزُّهْرِيَّ بِمُعَارَضَةٍ غَيْرِ صَحِيحَةٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ تَطْلُقُ أَوْ بَطْنٌ مُتَحَرِّقٌ ؟ قَالَ: وَهَذَا لَا تَقَعُ عَلَيْهِ الْإِبَاحَةُ، لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَقَعُ إِلَّا لِمَنْ فِي طَاقَتِهِ فِعْلُ الشَّيْءِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ فِي طَاقَتِهِ فِعْلُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ لَا تَقَعُ الْإِبَاحَةُ لِمِثْلِهِ.
16992 - وَالْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ عُرْوَةَ وَالزُّهْرِيِّ.
16993 - قَالَ عُرْوَةُ فِي الرَّجُلِ إِذَا أُحْصِرَ بِكَسْرٍ، أَوْ لَدْغٍ ; فَامْتَنَعَ مِنَ الْمَصِيرِ حَتَّى يَفُوتَ وَقْتُ الْحَجِّ: أَنَّهُ إِنْ شَاءَ بَعَثَ بِهَدْيٍ فَيَحِلُّ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ، وَلُبْسُ ثِيَابِهِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا وَيَبْقَى مُحْرِمًا مِنَ النِّسَاءِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْكَعْبَةِ مَتَى وَصَلَ، وَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحِلُّ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ، وَالْهَدْيُ.
16994 - قَالَ: فَعَلَى قَوْلِ عُرْوَةَ الْهَدْيُ الْأَوَّلُ غَيْرُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَتَحَلَّلُ بِهِ فِي حِلَاقِ الشَّعْرِ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ، وَالْهَدْيُ الثَّانِي بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى.فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، [ الْبَقَرَةِ: 196 ].
16995 - قَالَ: وَالْمَعْنَى إِنْ أُحْصِرْتُمْ فَأَرَدْتُمْ أَنْ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ; فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.

الصفحة 104