كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 12)

وَكَانَ بَيْنَ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ خَمْسُ سِنِينَ، وَبَيْنَ مُخْرَجِهِ مِنْ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
فَلَمَّا جَيَّشَ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فِي الْحِجْرِ. ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالْخَشَبُ ".
قَالَ ابْنٌ خُثَيْمٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: وَقَالَ النَّبِيُّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: " وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا يَزْحَفُونَ مِنْ هَذَا ويَخْرُجُونَ مِنْ هَذَا " ; فَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَعَلَتْ لَهَا دَرَجًا يَرْقَى عَلَيْهَا مَنْ يَأْتِيهَا، فَجَعَلَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ لَاصِقَةً بِالْأَرْضِ.
قَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَابِطٍ، أَنَّ زَيْدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ كَشَفُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ، إِذَا الْحِجْرُ مِثْلُ الْخَلِقَةِ، وَالْحِجَارَةُ مُشْتَبِكَةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، إِذَا حُرِّكَتْ بِالْعَتَلَةِ تَحَرَّكَ الَّذِي بِالنَّاحِيَةِ الْأُخْرَى.
قَالَ ابْنُ سَابِطٍ: فَأَرَانِي ذَلِكَ لَيْلًا بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَرَأَيْتُهَا أَمْثَالَ الْخِلَفِ مُتَشَبِّكَةً أَطْرَافُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.

الصفحة 115