كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 12)

التَّمَتُّعِ، وَقَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يُفَضِّلُ التَّمَتُّعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا، وَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ الْعُمْرَةِ الْحَجَّ.
17823 - وَأَمَّا قَوْلُ الْيَمَانِيِّ ( قَدْ كَانَ ذَلِكَ ) أَيْ قَدْ فَاتَ الْقِرَانُ ; لِأَنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - سَأَلَهُ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقِرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ إِلَّا قَبْلَ ذَلِكَ.
17824 - وَأَمَّا أَمْرُ ابْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيَّ بِالتَّقْصِيرِ وَقَدْ ضَفَّرَ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ; لِأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ حَلْقَ رَأْسِهِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجِّهِ الَّذِي تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَيْهِ، فَأَرَادَ أَنْ لَا يَحْلِقَ فِي الْعُمْرَةِ لِيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ.
17825 - وَأَمَّا قَوْلُهُ ( فَأَهْدِ ) فَإِنَّهُ يُرِيدُ هَدْيَ مُتْعَتِهِ.
17826 - ثُمَّ سُئِلَ ( مَا الْهَدْيُ ؟ ) فَقَالَ: إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا شَاةً لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ.
17827 - فَهَذَا يَرُدُّ رِوَايَةَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ: الصِّيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ.
17828 - وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ هَذِهِ أَصَحُّ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ تَفْضِيلُ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ.
17829 - وَيُرْوَى ( مَا هَدْيُهُ ) وَأَمَّا هَدْيُهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى ; لِأَنَّهُ مِمَّا يُهْدَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
17830 - وَعَلَى نَحْوِ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ.

الصفحة 317