كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 13)

عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ لَيْلًا، وَلَمْ يَشْهَدُوا مَعَهُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَوْضِعُ الِاخْتِيَارِ.
17986 - وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلًا وَدَفَعَ مِنْهَا قَبْلَ الصُّبْحِ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاتَ بِهَا وَنَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُصَلِّهَا مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى فَاتَتْهُ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ.
17987 - فَلَوْ كَانَ حُضُورُ الصَّلَاةِ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ وَفَرَائِضِهِ مَا أَجْزَأَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ مُشَاهَدَةَ الصَّلَاةِ بِجَمْعٍ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ، وَسُنَنُ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا مَنْ عَلَيْهِ فِعْلُهَا.
17988 - وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [ الْبَقَرَةِ: 198 ]، وَقَوْلُهُمْ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةَ جَمِيعًا مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ بَاتَ فِيهَا بَعْضَ اللَّيْلِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَلَى أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ بِهَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الذِّكْرُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِنْ إِتْمَامِ الْحَجِّ فَالْمَبِيتُ وَالْوُقُوفُ أَحْرَى بِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
17989 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَقِفُ بِعَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَحْرَمَ ثُمَّ أُغْمَى عَلَيْهِ وَوُقِفَ بِهِ مُغْمًي عَلَيْهِ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

الصفحة 39