كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 13)

18025 - وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ يُجْزِي عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْفَرْضُ لَازِمًا لَهُ حِينَ أَحْرَمَ بِهِ ثُمَّ لَزِمَهُ حِينَ بَلَغَ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْ فَرْضٍ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِنَافِلَةٍ وَيُعَطِّلُ فَرْضَهُ، كَمَنْ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبَةُ فَخَشِيَ فَوْتَهَا قَطَعَ النَّافِلَةَ وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ فَأَحْرَمَ لَهَا.
18026 - وَكَذَلِكَ الْحَجُّ عِنْدَهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِحْرَامَ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْفَرِيضَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يَلْزَمُهُ الْعِبَادَاتُ وَيُجْزِيهِ حَجُّهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ.
18027 - وَالْجُمْهُورُ مُتَّفِقُونَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إِلَّا مُحْرِمًا، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ وَلَا غَيْرُهُ، فَافْتَرَقَا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
18028 - وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي إِسْقَاطِ النِّيَّةِ بِأَنَّهُ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ نَوَى بِإِهْلَالِهِ الْإِحْرَامَ أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ الْمُهِلِّينَ بِالْحَجِّ أَنْ يَفْسَخُوهُ فِي عُمْرَةٍ، وَبِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى: أَهَلَلْنَا بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ أَنَّ إِهْلَالَهُمَا عَلَى إِهْلَالِهِ كَائِنًا مَا كَانَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْإِحْرَامِ لَيْسَتْ كَالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ.

الصفحة 47