كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 14)
فِي إِثْرِ حَجَّةٍ.
20232 - وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَزْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ.
20233 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا كُلُّهُ لِمَنْ أَدَّى مِنَ الْحَجِّ فَرْضَهُ.
20234 - وَأَمَّا قَوْلُهُ: " مَا عَلَى الْأَرْضِ بُقْعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي بِهَا، فَإِنَّهُ خَرَجَ قَوْلُهُ عَلَى الْبُقْعَةِ الَّتِي فِيهَا ذَلِكَ الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ، وَأَظُنُّهَا بِالْبَقِيعِ، وَلَمْ يُرِدِ الْبَقِيعَ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ الْمَدِينَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَأَخْبَرَ أَنَّهَا أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَيْهِ، أَنْ يَكُونَ قَبْرُهُ فِيهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ مُهَاجَرِهِ الَّذِي افْتُرِضَ عَلَيْهِ الْمُقَامُ فِيهِ مَعَ الَّذِينَ أَوَوْهُ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ وَطَنِهِ وَنَصَرُوهُ حَتَّى ظَهَرَ دِينُهُ، وَكَانَ قَدْ عَقَدَ لَهُمْ حِينَ بَايَعَهُمْ أَنَّهُ إِذَا هَاجَرَ إِلَيْهِمْ، يُقِيمُ أَبَدًا مَعَهُمْ، فَيَكُونُ مَحْيَاهُ مَحْيَاهُمْ، وَمَمَاتُهُ مَمَاتَهُمْ، فَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ، وَكَانَ مِنْ دِينِهِ أَنْ يُحَبِّبَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَهُ الْمَدِينَةَ كَحُبِّهِمْ لِمَكَّةَ، أَوْ أَشَدَّ، وَكَانَ يَكْرَهُ لِأَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَمُوتُوا فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرُوا مِنْهَا، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ.
20235 - وَأَمَّا تَكْرِيرُهُ هَذَا الْقَوْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَكَانَتْ عَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُؤَكِّدُهُ وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا.
الصفحة 249