كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 14)

بِهَا وَأَنْذَرَهُمْ إِلَيْهَا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَتَهُ أَدَّى ذَلِكَ عَنْهُ، وَقَامَ مَقَامَهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقِيمُهَا مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْعِدَةِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِدَةَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ادَّعَاهُ جَابِرٌ فِي ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا ادَّعَى شَيْئًا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ.
20659 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَا يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ، وَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْهَا.
20660 - وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْخِيرِ الدَّيْنِ الْحَالِّ. هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا يَلْزَمُ ؟ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ:
20661 - فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: مَنْ أَقْرَضَ رَجُلًا مَالًا: دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ طَاعَ لَهُ، فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْأَجَلِ، ثُمَّ أَرَادَ الِانْصِرَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَالصَّدَقَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا.
20662 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى:أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، [ أَوَّلُ الْمَائِدَةِ ]، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ".
20663 - وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِي الصَّدَقَاتِ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْهِبَاتِ.
20664 - قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا الْعِدَةُ مِثْلُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْهِبَةَ، فَيَقُولُ لَهُ: نَعَمْ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَلَّا يَفْعَلَ، فَمَا أَرَى ذَلِكَ يُلْزِمُهُ.

الصفحة 350