كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 14)

الْبَيَاتَ، وَإِذَا نَزَلْتَ مَنْزِلًا، فَاسْتَعْمِلْ عَلَى أَصْحَابِكَ أَهْلَ الْجَلَدِ وَالْقُوَّةِ ؛ لِيَكُونُوا نِعْمَ الَّذِينَ يُحَرِّضُونَهُمْ وَيَحْفَظُونَهُمْ، وَقَدِّمْ أَمَامَكَ الطَّائِعَ حَتَّى يَأْتُوا بِالْخَيْرِ، وَشَاوِرْ أَهْلَ الرَّأْيِ وَالتَّجْرُبَةِ، وَلَا تَسْتَبِدَّ بِرَأْيِكَ دُونَهُمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ احْتِقَارًا لِلنَّاسِ وَمَعْصِيَةً لَهُمْ، فَقَدْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَرْبِ، وَإِيَّاكَ وَالِاسْتِهَانَةَ بِأَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عَرَفْنَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَنْصَارِ عِنْدَ مَوْتِهِ حِينَ قَالَ: " أَحْسِنُوا إِلَى مُحْسِنِهِمْ، وَجَاوِزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَقَرِّبْ بِهِمْ مِنْكَ، وَأَدِنْهُمْ وَاسْتَشِرْهُمْ، أَشْرِكْهُمْ فِي أَمْرِكَ، وَلَا يَغِبْ عَنِّي خَبَرُكَ كُلَّ يَوْمٍ بِمَا فِيهِ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَشْبِعِ النَّاسَ فِي بُيُوتِهِمْ، وَلَا تُشْبِعْهُمْ عِنْدَكَ، وَتَعَايِرْ أَهْلَ الرِّعَايَةِ، وَالْأَحْدَاثِ بِالْعُقُوبَةِ، مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ عَلَيْهِمْ، وَلْيَكُنْ تَقَدُّمُكَ إِلَيْهِمْ فِي مَا تَنْهَى عَنْهُ قَبْلَ الْعُقُوبَةِ تَبَرَأْ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ مَعَرَّتِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ مَسْئُولٌ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ، فَاللَّهَ اللَّهَ يَا عَمْرُو فِيمَا أُوصِيكَ فِيهِ - جَعَلَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ رُفَقَاءِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَارِ الْمُقَامَةِ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَمُدُّكَ بِنَفْسِهِ وَمَنْ مَعَهُ، فَلَهُ مَدَدٌ فِي الْحَرْبِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى، فَلَا يُخَالِفُ، وَشَاوِرْهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.

الصفحة 49