كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - ت: قلعجي (اسم الجزء: 16)

23267 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ.
23268 - خَالَفَ دَاوُدُ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ فِيهَا بِالْمُجْمَلِ وَالْمُفَسِّرِ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ، فَجَعَلَ قَوْلَهُ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ " مُجْمَلًا، وَقَوْلَهُ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا " مُفَسِّرَا، وَهُمَا فِي الظَّاهِرِ مُتَضَادَّانِ، وَأَصْلُهُ فِي الْخَبَرَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ أَنْ يَسْقُطَا جَمِيعًا، كَأَنَّهُمَا لَمْ يَجِبَا، وَيُرْجَعَانِ وَيُرْجَعُ إِلَى الْأَصْلِ فِيهِمَا، وَلَوْ كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، أَسْقَطَ فِيهِمَا الْحَدَثَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا مُجْمَلًا مُفَسَّرًا، وَقَالَ بِحَدِيثِ الْإِبَاحَةِ مَعَ ضَعْفِهِ عِنْدَهُ، لِشَهَادَةِ أَصْلِهِ لَهُ، فَخَالَفَ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَخَالَفَ أَصْلًا لَهُ آخَرَ.
23269 - وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا اجْتُمِعَ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَرِعَ قَوْلًا ثَالِثًا، وَالنَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ. مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا نِكَاحَ لِلْأَوَّلِ، وَمَنْ أَجَازَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كُلُّهُمْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِي مَذْهَبِهِ، وَجَاءَ دَاوُدُ يَقُولُ بِفَرْقٍ بَيْنَهُمَا بِقَوْلٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَيْهِمْ.
23270 - قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهَا مَعَهَا، كَمَا زَعَمَ دَاوُدُ.

الصفحة 48